جريدة المصري اليوم - 13/11/2018
يتصور البعض أن الوفد مجرد حزب سياسى بين
الأحزاب السياسية القائمة، له أعضاء فى مجلس النواب، وله لجان نوعية، ولجان فى كل
المحافظات، ولديه عقول مُستنيرة وهمم مُتقدة وكوادر مخلصة، ويمتلك جريدة رسمية
يومية فقط.
ويتجاوز البعض ذلك
المفهوم ليعتبره تاريخاً مضى، شهد أحداثاً عظيمة مثلت فخرا للمصريين فى مسيرة
نضالهم من أجل الاستقلال.
وفى الحقيقة فإن الوفد
أكبر من مجرد حزب سياسى وأعظم من تاريخ. الوفد فكرة ورسالة وقيم تسرى فى الشخصية
المصرية أجيالا وراء أخرى، ترتكز على ثوابت راسخة، تُمثل الميلاد الحقيقى لمصر
الحديثة.
فكرة صنعها المصريون
أنفسهم عندما سارعوا بعمل توكيلات لزعيم رأوا فيه الجدارة فى تمثيل الشعب أمام
العالم، هو سعد باشا زغلول. ونمت الفكرة واتسعت وتحولت على يد رجل عظيم هو مصطفى
باشا النحاس إلى ماكينة بناء وإنتاج لكل مؤسسات مصر الحديثة.
وعبر تجارب واقعية حكم
فيها حزب الوفد، ترسخت معانى الوفد لدى المصريين طيلة عقود قاربت القرن، فالوفد
ظلت له ثوابت لم تتغير على مدار مائة عام.
فالوفد هو ضمير الأمة
المُجاهدة والمُجتهدة لنيل واقع عظيم يكافئ نضال المصريين وتضحياتهم عبر الزمان.
والوفد يعنى قيمة الاستقلال والكرامة الوطنية الرافضة أى تدخل أو هيمنة، عن إيمان
حقيقى بأن الإرادة للشعب وحده. والوفد يعنى الديمقراطية الراسخة واحترام الدستور
وإعلاء مبدأ سيادة القانون ورفض استغلال الدين فى السياسة، ومقاومة الاستبداد
السياسى والانفراد بالسلطة. الوفد يعنى أيضا الوحدة الوطنية فى أسمى معانيها، تلك
التى تتجاوز وحدة المسلم والمسيحى لتُعبر عن وحدة المصريين بمختلف طبقاتهم
وفئاتهم، وأعراقهم، ومعتقداتهم، وجذورهم المكانية.
الوفد يعنى حرية
التجارة، وحرية الاستثمار، وحرية التعبير، والدفاع عن الحريات الفردية فى ظل
مسؤولية جماعية تحفظ للمجتمع عدالته وأمنه.
من هُنا فإن الوفد
كان، ومازال، وسيبقى حاضرا فى كل بيت مصرى، من أسوان إلى الإسكندرية، ومن السلوم
إلى رفح. لم يغب الكيان فكرة ومعنى وقيماً حتى عندما غُيب ظلماً من سُلطة خشيت أن
يقاوم مشروع استبدادها وانفرادها بعد 23 يوليو 1952.
لذا لم يكن غريبا أن
يحتشد ملايين المصريين للانضمام للوفد سنة 1978 عندما عاد إلى الحياة السياسية بعد
خمسة وعشرين عاما من حظره، ورغم حملات التشوية والتزوير التى شنتها السُلطة
وأبواقها عليه. ولم يكن غريبا أن يعود ثانية بحكم قضائى سنة 1983 بعد رفض الرئيس
الراحل أنور السادات السماح له بالعمل ليعيد بعث قيمه الأصيلة فى المجتمع المصرى
الذى تعرض للتجريف المتكرر.
ولم يكن غريبا أن
يقاوم الحزب سنوات عجافا، ظلت فيها الممارسة السياسية أسيرة توازنات أجهزة الدولة،
وأن يقاوم ببسالة بعد 25 يناير محاولات أخونة الدولة وجرها بعيدا عن ثوابت
المصريين.
من هنا يبقى الوفد،
الفكرة والمعنى، حاملاً خيمة الحياة السياسية المصرية، راسخا بمبادئه، حاضرا
بمواقفه، ثابتا بتاريخه المُضىء، حتى إنه لا تصلح السياسة المصرية بدون الوفد، ولا
تنتعش الديمقراطية بعيدا عنه.
ونحن الآن نتطلع
للمشاركة لاستكمال بناء مؤسسات الوفد، واستعادة رونقها، وقدرتها على استحقاق توصيف
«ضمير الأمة» عن صدق، فإننا نفتح قلوبنا لكل فكر وجهد وحماس لإيقاظ الحياة
السياسية فى ظل أجواء صعبة تُحارب فيها مصر جحافل الإرهاب، وتسعى للنهوض بالاقتصاد
وتحقيق التنمية المستدامة.
إننا نؤمن بقدرة الوفد
على قيادة الشارع السياسى، بمبادئه، وقيمه، وتراثه، وتجاربه، وطموحات وعزيمة
أبنائه.
الوفد هو أمل مصر
الحقيقى، وطريق ومحفّز للدولة المصرية لعبور تحديات تنمية الإنسان، وحل مشكلاته،
ورفع مستوى معيشته، والحفاظ على حقوقه. اللينك
0 التعليقات:
إرسال تعليق