وقد وجد الكثير من
المواطنين الأمريكيين من أصحاب التيار السلطوي ضالتهم في "دونالد
ترامب"، فبدأوا يتجمعون حوله.
لا شك أن نجاحات
"دونالد ترامب" رجل الأعمال الأمريكي في الانتخابات التمهيدية
للجمهوريين فاجأت الكثيرين داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، فكان مجرد
اقتراح اسمه منذ شهور قليلة مضت يثير السخرية. وخلال آخر زيارة لي إلي الولايات
المتحدة الأمريكية منذ خمسة شهور تقريباً؛ حينما كنت أسأل بعض السياسيين
الأمريكيين أو رجال الأعمال منهم عن توقعاتهم لـ"ترامب" كانوا يجيبون:
"إن الموضوع برمته سخيف"، "من هذا الذي سيعطي صوته لترامب"!!
الآن -وحتي كتابة هذه السطور -حصل "دونالد ترامب" علي (428) صوتاً من أصوات الاقتراع، في حين أن أقرب منافسيه "تيد كروز" قد حصل علي (315) صوتاً، ويحتاج "دونالد ترامب" (1237) صوتاً للفوز بترشيح الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية. وقد حقق ترامب يوم الثلاثاء الماضي فوزاً كبيراً في ولايتي "ميتشجان" و"ميسيسبي"، وإذا فاز في "فلوريدا" و"نيويورك" فإنه قد يحسم ترشحه قريباً. والمعضلة لا تكمن في صعود "دونالد ترامب"، بل في أن أفكاره المتطرفة بدأت تلقي قبولاً عند قطاع كبير من الأمريكيين وبخلفيات متنوعة ومناطق جغرافية كثيرة لم تكن في مناطق نفوذ الجمهوريين.
ورغم أن المحللين يرون أن ترامب "المرشح للرئاسة" سيكون مختلفاً عن ترامب "الرئيس" حال انتخابه، وأن الكثير من الألفاظ الحادة والأفكار المتطرفة ستتلاشي مع "دونالد ترامب-الرئيس"، وأن بعض هذه الدلالات ظهرت في خطابه يوم الثلاثاء الماضي أمام مؤيديه بعد فوزه في ولاية ميتشجان، حيث تجنب استخدام ألفاظ جارحة في وصف معارضيه -علي عكس ما سبق، وكان خطابه أكثر اتزاناً، وبدأ فيه يقترب من مظاهر "رجل الدولة". رغم هذه التوقعات؛ فلا شك -كما يري المحللون -أنه سواء فاز ترامب أم لم يفز في الانتخابات الأمريكية؛ فإن هناك تياراً جديداً في السياسة الأمريكية قد بدأ في الصعود، وأن هناك تغييراً جذرياً وعميقاً بدأ يسود لدي قطاع كبير من الشعب الأمريكي سيكون له تأثير أكبر علي السياسات الأمريكية في الداخل والخارج. هذا التيار أطلق عليه بعض المحللين الأمريكيين في العلوم الاجتماعية والسياسية "التيار السلطوي" Authoritarianism، وأن آثار هذا التيار ستذهب إلي مدي أبعد كثيراً من دونالد ترامب، وإلي ما بعد عام 2016.
هناك قطاع كبير لدي الشعب الأمريكي بدأ ينمو في توجهاته نحو "التيار السلطوي"، ومعناه التوجه والميل عند الإحساس بالخطر لاختيار قائد قوي يتعهد باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات ضرورية لحمايتهم من هذا الخطر ومن الغرباء، ويكون قادراً علي منع التغير الذي يخافونه. وقد نجح "دونالد ترامب" -بخطابه القوي والعنصري أحياناً -في جمع هذا التيار من حوله من جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقطاعات كبيرة متنوعة لدي المجتمع الأمريكي. وهذا القطاع الذي تحول إلي "حركة" Movement-علي حد تعبير "ترامب" نفسه في خطابه الأخير أمام مؤيديه في ولاية ميتشجان-لا يري مانعاً من اتخاذ أية إجراءات مهما بلغت شدتها من قبل قائدهم لحمايتهم، حتي ولو تعارضت هذه الإجراءات مع القيم الديمقراطية الراسخة داخل المجتمع الأمريكي، وحتي مهما بلغت هذه الإجراءات واتسمت بالعنصرية أو بالطابع السلطوي. ويري بعض الباحثين الأمريكيين في العلوم السياسية وآخرهم "آماندا توب" والتي نشرتها منذ أسبوع تقريباً، بأن "دونالد ترامب" هو أول "ترامب" في السياسة الأمريكية، ولن يكون الأخير، فستشهد الولايات المتحدة سياسياً العديد من أمثال "ترامب" خلال الأعوام القليلة القادمة، وستكون لهم القيادة في رسم سياسات الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي دراسة قامت بها مؤسسة "ڤوكس" VOX مع إحدي مؤسسات قياس الرأي في واشنطن نشرتها في مارس من هذا العام، أثبتت الدراسة أن الأمر قد تجاوز "ترامب"، وأن هناك تيارا قويا اجتماعيا وسياسيا ينمو داخل الولايات المتحدة الأمريكية يتجه نحو تحويل الحزب الجمهوري والسياسات الوطنية إلي ما هو أبعد من الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 2016، هذا التيار هو "التيار السلطوي".
الآن -وحتي كتابة هذه السطور -حصل "دونالد ترامب" علي (428) صوتاً من أصوات الاقتراع، في حين أن أقرب منافسيه "تيد كروز" قد حصل علي (315) صوتاً، ويحتاج "دونالد ترامب" (1237) صوتاً للفوز بترشيح الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية. وقد حقق ترامب يوم الثلاثاء الماضي فوزاً كبيراً في ولايتي "ميتشجان" و"ميسيسبي"، وإذا فاز في "فلوريدا" و"نيويورك" فإنه قد يحسم ترشحه قريباً. والمعضلة لا تكمن في صعود "دونالد ترامب"، بل في أن أفكاره المتطرفة بدأت تلقي قبولاً عند قطاع كبير من الأمريكيين وبخلفيات متنوعة ومناطق جغرافية كثيرة لم تكن في مناطق نفوذ الجمهوريين.
ورغم أن المحللين يرون أن ترامب "المرشح للرئاسة" سيكون مختلفاً عن ترامب "الرئيس" حال انتخابه، وأن الكثير من الألفاظ الحادة والأفكار المتطرفة ستتلاشي مع "دونالد ترامب-الرئيس"، وأن بعض هذه الدلالات ظهرت في خطابه يوم الثلاثاء الماضي أمام مؤيديه بعد فوزه في ولاية ميتشجان، حيث تجنب استخدام ألفاظ جارحة في وصف معارضيه -علي عكس ما سبق، وكان خطابه أكثر اتزاناً، وبدأ فيه يقترب من مظاهر "رجل الدولة". رغم هذه التوقعات؛ فلا شك -كما يري المحللون -أنه سواء فاز ترامب أم لم يفز في الانتخابات الأمريكية؛ فإن هناك تياراً جديداً في السياسة الأمريكية قد بدأ في الصعود، وأن هناك تغييراً جذرياً وعميقاً بدأ يسود لدي قطاع كبير من الشعب الأمريكي سيكون له تأثير أكبر علي السياسات الأمريكية في الداخل والخارج. هذا التيار أطلق عليه بعض المحللين الأمريكيين في العلوم الاجتماعية والسياسية "التيار السلطوي" Authoritarianism، وأن آثار هذا التيار ستذهب إلي مدي أبعد كثيراً من دونالد ترامب، وإلي ما بعد عام 2016.
هناك قطاع كبير لدي الشعب الأمريكي بدأ ينمو في توجهاته نحو "التيار السلطوي"، ومعناه التوجه والميل عند الإحساس بالخطر لاختيار قائد قوي يتعهد باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات ضرورية لحمايتهم من هذا الخطر ومن الغرباء، ويكون قادراً علي منع التغير الذي يخافونه. وقد نجح "دونالد ترامب" -بخطابه القوي والعنصري أحياناً -في جمع هذا التيار من حوله من جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقطاعات كبيرة متنوعة لدي المجتمع الأمريكي. وهذا القطاع الذي تحول إلي "حركة" Movement-علي حد تعبير "ترامب" نفسه في خطابه الأخير أمام مؤيديه في ولاية ميتشجان-لا يري مانعاً من اتخاذ أية إجراءات مهما بلغت شدتها من قبل قائدهم لحمايتهم، حتي ولو تعارضت هذه الإجراءات مع القيم الديمقراطية الراسخة داخل المجتمع الأمريكي، وحتي مهما بلغت هذه الإجراءات واتسمت بالعنصرية أو بالطابع السلطوي. ويري بعض الباحثين الأمريكيين في العلوم السياسية وآخرهم "آماندا توب" والتي نشرتها منذ أسبوع تقريباً، بأن "دونالد ترامب" هو أول "ترامب" في السياسة الأمريكية، ولن يكون الأخير، فستشهد الولايات المتحدة سياسياً العديد من أمثال "ترامب" خلال الأعوام القليلة القادمة، وستكون لهم القيادة في رسم سياسات الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي دراسة قامت بها مؤسسة "ڤوكس" VOX مع إحدي مؤسسات قياس الرأي في واشنطن نشرتها في مارس من هذا العام، أثبتت الدراسة أن الأمر قد تجاوز "ترامب"، وأن هناك تيارا قويا اجتماعيا وسياسيا ينمو داخل الولايات المتحدة الأمريكية يتجه نحو تحويل الحزب الجمهوري والسياسات الوطنية إلي ما هو أبعد من الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 2016، هذا التيار هو "التيار السلطوي".
هذا المزاج السلطوي
بدأ يتكون خلال العشرة أعوام الماضية، ويتفق تاريخياً مع المناخ الذي أدي إلي بزوغ
"هتلر" وغيره من الدكتاتوريين. فهذا المزاج السلطوي لدي
"المواطن" الأمريكي بدأ ينمو مع بدايات الألفية الثانية، وهجوم القاعدة
في قلب الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا التغير
السيكولوجي والنفسي للمواطن الأمريكي بدأ ينمو ويصعد علي مدار الأعوام الماضية،
وكان دافعه الخوف من الأعمال الإرهابية، والخوف من الانهيار الاقتصادي، والخوف من
الإسلام، والخوف من إيران، والخوف من المهاجرين غير الشرعيين، هذا التغير والخوف
جعل شريحة من الأمريكيين تنمو يوماً بعد يوم، وتتجه نحو تأييد نوع جديد من
السياسيين، سياسيين لم يعرفوهم من قبل، سياسيين كـ"دونالد ترامب"
يتحدثون لغة مختلفة، يعدونهم بشكل لا يقبل الشك بأنهم معهم في مواجهة خوفهم وفي
محاربة ومواجهة الأخطار التي يواجهونها، وأنهم قادرون علي ذلك، وأنهم سيستخدمون
آليات غير معهودة بما في ذلك القوة لمواجهة هذه المخاطر.
وقد وجد الكثير من
المواطنين الأمريكيين من أصحاب التيار السلطوي ضالتهم في "دونالد
ترامب"، فبدأوا يتجمعون حوله، وسيشكلون لا محالة حركة جديدة في السياسة
الأمريكية، وقد يتحول الحزب الجمهوري الأمريكي للوعاء الجديد لهذه الحركة.
وفي دراسة إحصائية
صادمة قام بها فريق من الباحثين الأمريكيين وأساتذة العلوم السياسية وفقاً لما
نشرته الباحثة "آماندا توب" في 1 مارس من هذا العام، فإن 44% من البيض
الأمريكيين ينتمون إلي هذا الاتجاه الجديد، وأن 55% من الجمهوريين ينتمون إلي هذا
الاتجاه، في حين أن 75% من الديمقراطيين ينتمون إلي الاتجاه المعاكس.
ومن المفيد أن نتعرف
أكثر علي ما يخاف منه الأمريكيون، وما هي المخاوف والمخاطر التي جعلت كثيرا من
الأمريكيين يتحولون نفسياً وذهنياً إلي مؤيدين لسياسيين وتيارات سياسية تميل إلي
العنصرية والخروج علي المألوف في القيم السياسية والاجتماعية الأمريكية، وكانت
المخاطر الثلاث الأعلي لديهم هي الخوف من المنظمات الإرهابية مثل داعش، يليها
الخوف من إيران، ثم يأتي في المرتبة الثالثة وبمساحة كبيرة الخوف من الخطر الروسي،
ويأتي بعد ذلك مخاطر المخدرات وتجارة الأسلحة والأمراض المعدية والهجرة غير
الشرعية.
ويري الباحثون
الأمريكيون أن تنامي هذا التيار سيكون له انعكاسات اجتماعية وسياسية خطيرة، وتغيير
في المستقبل علي الوضع الأمريكي في الداخل والخارج.
وعلي سبيل المثال،
فإن 56% من أنصار هذا الاتجاه المتنامي في الولايات المتحدة يرون أن بناء المساجد داخل
الولايات المتحدة أمر يضر بالمجتمع الأمريكي، ويجب منع بناء المساجد. والدراسات
الاجتماعية التي أعدت في هذا الخصوص تري أن الأمر لا يقتصر فقط علي ظاهرة
"الإسلامفوبيا"، بل يعتبر هؤلاء المسلمون بمن فيهم المسلمون الأمريكيون
من "الغرباء" Outriders.
وقد انتهت الدراسات
الأمريكية إلي أن أصحاب التيار السلطوي بشكل عام ومؤيدي دونالد ترامب بشكل خاص
يدعمون سياسات خمسا رئيسية؛ الأولي هي إعطاء الأولوية لاستخدام القوة العسكرية علي
حساب الدبلوماسية ضد الدول التي تمثل خطراً علي الولايات المتحدة الأمريكية، فلا
شك أن تنامي هذا الاتجاه السياسي وتبوأه السلطة في الولايات المتحدة قد يعيد إلينا
سياسات جورج بوش الابن المدمرة. وأما السياسة الثانية التي تحظي بتأييد ودعم
هؤلاء؛ فهي ضرورة تعديل الدستور الأمريكي لحظر منح الجنسية لأبناء المهاجرين غير
الشرعيين. وأما السياسة الثالثة التي يؤيدونها؛ فهي فرض مزيد من القيود وإجراءات
التفتيش علي القادمين من الشرق الأوسط، فهؤلاء جميعاً يحملون "جينات
الإرهاب" وفقاً لهذا الاتجاه السياسي الجديد. وأما الأمر الرابع الذي يعطونه
الأولوية؛ فهو أن يفرض علي جميع المواطنين حمل "بطاقة قومية" ID طوال الوقت لمواجهة الإرهاب، وحق البوليس في القبض علي من لا يحمل هذه
البطاقة. وخامسا وأخيراً، السماح للحكومة الفيدرالية بالتجسس علي كافة المكالمات
التليفونية لمواجهة الإرهاب.
والقاسم المشترك بين
هذه السياسات يكمن في أنها تعكس الخوف من المخاطر الجسدية والاجتماعية، والأهم
أنها تعكس الرغبة في اتخاذ إجراءات حكومية وسياسات أكثر حسماً حتي وقوة، ولا تخلو
من النزعة العنصرية.
رأيي... أن مضمون
وفحوي سياسات "دونالد ترامب" لا يختلف في جوهره عن السياسات المعلنة من
باقي المرشحين الجمهوريين، ولكن الفارق يكمن في الطريقة والشكل وليس الجوهر.
بطريقته في التبسيط، وحسم الأمور بشكل واضح، وإعطاء الانطباع علي قدرته في حل كل
المشكلات، وإظهار القوة في التعاطي مع المخاطر والغرباء وأعداء أمريكا، ووقاحته
عند التعليق علي الأقليات المسلمة أو المنحدرين من أصول مكسيكية، فهذه الأقليات
صارت تمثل خطراً حقيقياً عند هذا التيار السلطوي وقطاع كبير من البيض
الأمريكيين... ببساطة نجح دونالد ترامب في استغلال الخوف عند المواطن الأمريكي،
وبدأ يمثل رقماً صحيحاً في السياسة الأمريكية.
حتي ولو لم ينجح
دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، فإنه صار يمثل تياراً سياسياً وفكرياً
متنامياً داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فالخوف من الإرهاب وفوبيا الإسلام لن
تذهب بعيداً.
ومن ناحية أخري، فإن
وصول "بيرنيساندرز" للمركز الثاني، ومنافسته الشرسة لـ"هيلاري
كلينتون" حتي الآن أمر له دلالته، فتوجهه اليساري نسبياً أمر غريب علي
السياسة الأمريكية علي عكس أوربا. وغالبية داعميه من الشباب أمر له دلالة قوية
أيضاً، وربما يكون لأفكاره وأفكار داعميه تأثير أبعد مدي علي السياسة الأمريكية،
فيبدو أن الفجوة الثقافية والفكرية والسياسية بين قطاعات الناخبين في الولايات
المتحدة بدأت تتسع نسبياً، ولهذا الموضوع حديث آخر. اللينك
استمع الي المقال عبر منصة اقرأ لي.. اللينك
0 التعليقات:
إرسال تعليق