علي مجلس النواب الجديد قبل أن يبدأ ممارسة دوره التشريعي والرقابي من
خلال جلساته العامة ولجانه المتخصصة ألا يناقش أية تشريعات جديدة ولمدة شهر علي
الأقل إلا بعد إتمام مهام رئيسية ثلاث. أولي هذه المهام؛ مناقشة كافة التشريعات
الصادرة بمرسوم رئاسي، وإقرار ما يراه ورفض ما يراه. وهذا التزام دستوري علي
المجلس، إذ أنه يلتزم بإقرار هذه القوانين خلال خمسة عشر يوماً من تكوينه.
والقوانين التي لا يوافق عليها المجلس وسبق صدورها من رئيس الجمهورية تعد لاغية
وكأن لم تكن، فلا يجوز للمجلس مناقشة قوانين جديدة قبل أن يراجع ويقرّ ما صدر من
قوانين في غيبته.
وللأسف تعلو بعض الأصوات من الآن تطالب المجلس بإقرار كافة ما صدر من قوانين دون مناقشة؛ بحجة أن مهلة الخمسة عشر يوماً الدستورية غير كافية، وأن عند المجلس الوقت والصلاحية في المستقبل ليراجع أية قوانين يراها. أنا شخصياً ضد هذا الرأي جملة وتفصيلاً، وإن فعل المجلس ذلك فإنه يكون قد خالف العلة الدستورية، وأخلّ بالتزاماته وواجباته الدستورية والأدبية. وليعلم النواب الجدد - المنتخب منهم والمعين - أن هذا الواجب هو الاختبار الأول لهم أمام الشعب والرأي العام، فلو كان هناك انطباع عام أن المجلس لا يأخذ هذه المهمة بالجدية الكافية، وأنه مجرد «بصمجي» يبصم علي ما تقرره السلطة التنفيذية، فإن ذلك سيكون إخفاقاً من العيار الثقيل، وستنشأ فجوة بين المجلس والشعب منذ اللحظة الأولي كما حدث مع برلماني 2010 و2012 - وإن كان لأسباب مختلفة، وهو ما لا يتمناه أي وطني مخلص لبلاده.
وللأسف تعلو بعض الأصوات من الآن تطالب المجلس بإقرار كافة ما صدر من قوانين دون مناقشة؛ بحجة أن مهلة الخمسة عشر يوماً الدستورية غير كافية، وأن عند المجلس الوقت والصلاحية في المستقبل ليراجع أية قوانين يراها. أنا شخصياً ضد هذا الرأي جملة وتفصيلاً، وإن فعل المجلس ذلك فإنه يكون قد خالف العلة الدستورية، وأخلّ بالتزاماته وواجباته الدستورية والأدبية. وليعلم النواب الجدد - المنتخب منهم والمعين - أن هذا الواجب هو الاختبار الأول لهم أمام الشعب والرأي العام، فلو كان هناك انطباع عام أن المجلس لا يأخذ هذه المهمة بالجدية الكافية، وأنه مجرد «بصمجي» يبصم علي ما تقرره السلطة التنفيذية، فإن ذلك سيكون إخفاقاً من العيار الثقيل، وستنشأ فجوة بين المجلس والشعب منذ اللحظة الأولي كما حدث مع برلماني 2010 و2012 - وإن كان لأسباب مختلفة، وهو ما لا يتمناه أي وطني مخلص لبلاده.
إن نجاح مجلس النواب الجديد من خلال مباشرة فعالة لدوره الرقابي
والدستوري يعني المزيد من الاستقرارين السياسي والاجتماعي لمصر، ورد وهزيمة كل
المتربصين باستقرار الوطن والطامعين في تقويض نظامنا السياسي المستمدة شرعيته من
الدعم الشعبي ودستور 2014. القوانين المطلوب من المجلس الجديد مراجعتها وإقرارها
خلال خمسة عشر يوماً هي القرارات بقوانين التي صدرت عن رئيس الجمهورية بصفته
المشرع المؤقت في غياب السلطة التشريعية الأصلية ألا وهي البرلمان، أما القرارات
الصادرة عن رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية فهي قرارات نهائية ولا
تخضع لمراجعة مجلس النواب في هذا السياق.
السؤال كيف سيناقش مجلس النواب مائة وخمسين قانوناً أو ما يزيد خلال
خمسة عشر يوماً فقط؟! في حقيقة الأمر أن غالبية القوانين التي صدرت محدودة في
أثرها ومحتواها، وبعضها تتضمن تعديلات شكلية علي قوانين قائمة، فالقوانين ذات
التأثير محدودة العدد. ولذلك أقترح علي الأمانة الفنية للمجلس أن تستعد من الآن
بطبع كافة هذه القوانين لكل عضو من أعضاء مجلس النواب في مجلد، وتصنيفها وتبويبها
بحيث تكون تحت يد أعضاء المجلس من الآن. ويعرض علي كل لجنة من لجان المجلس ما يخصها
من قوانين، فقوانين التعليم تعرض علي لجنة التعليم، وقوانين الاستثمار تعرض علي
اللجنة الاقتصادية، وهكذا... بحيث تناقش كل لجنة ما يخصها من قوانين، وترفع
تقاريرها وتوصياتها إلي المجلس خلال أسبوع من تشكيلها، وللجنة أن توصي بإقرار
القوانين المعروض عليها كما هي، أو اقتراح تعديلها، أو اقتراح رفض القانون كليةً.
وتتم مناقشة اقتراحات اللجان في الجلسة العامة، والتصويت علي كل قانون علي حدة في
ضوء التوصيات المقدمة. وبطبيعة الحال للمجلس أن يوافق علي قانون بعينه مع إحالته
إلي اللجنة المختصة لإعادة النظر واقتراح تعديله وعرضه علي المجلس خلال مهلة محددة.
هناك مشقة وعناء منذ اللحظة الأولي، ولكنها ضرورية لنجاح البرلمان
وبناء اللبنة الأولي نحو إصلاح المسار السياسي، فهي فرصة أرجو ألا نفوّتها.
أما المهمة الثانية الشاقة أمام المجلس في أيامه الأولي - والتي يجب
أن تشغله قبل مناقشة أية قوانين جديدة؛ هي مناقشة خطة ورؤية الحكومة تفصيلاً، وخطة
التنفيذ، ومناقشة كذلك الأجندة التشريعية للحكومة. إن خطة الحكومة الاقتصادية وتلك
المتعلقة بملف العدالة الاجتماعية لهما من أخطر الملفات التي تواجه مصر الآن،
وفيهما الحل لمشاكلنا الأمنية، ومواجهة التحديات الخارجية. ولابد أن يحرص المجلس
علي أن تكون أولويات خطة كل وزارة محددة موضوعياً وزمنياً، ويجب أن يكون للجان
المجلس أجندات محددة وجداول دقيقة للمتابعة الدورية لخطة الحكومة التنفيذية. لابد
للمجلس أن يشغل نفسه وتكون له ملاحظاته علي خطة الحكومة بشأن الإصلاح الهيكلي
والمؤسسي لأجهزتها، بما في ذلك - علي سبيل المثال لا الحصر - مصلحة الجمارك،
والضرائب، وهيئة الاستثمار، وهيئة التأمين الصحي، وهيئة الأبنية التعليمية،
واستصلاح الأراضي، وهيئة التنمية الصناعية، وشركات قطاع الأعمال العام... إلي
آخره. هذه الهيئات هي مفاصل وتروس الإنتاج والخدمات العامة، إن صلحت صلح حال مصر
كله، فلا يجوز أن تكون المتابعة الدقيقة لخطة إصلاح هذه الجهات وتطوير أدائها
بعيدة أبداً عن الرقابة التفصيلية للسلطة البرلمانية.
وأما المهمة الثالثة للمجلس فهي تخصّ لائحة العمل الداخلي للبرلمان،
فيجب أن يكون أساس العمل صحيا ومتينا، ويجب تعظيم دور اللجان وزيادة أعدادها،
وتوزيع المهام عليها بدقة شديدة. ففي ظل وجود ستمائة برلماني تقريباً تحت قبة
المجلس يستحيل مناقشة أية مسألة بالتفصيل الواجب. وأقترح شخصياً ألا يقل عدد
اللجان عن عشرين لجنة بحيث لا يزيد أعضاء اللجنة الواحدة عن ثلاثين عضواً. ولا
يجوز أن يلتحق عضو البرلمان بأكثر من لجنة مع حقه في حضور اجتماعات ما يشاء من
لجان أخري كعضو مراقب. هناك برلمانات كثيرة العدد كما هو الحال في «البودستاج» في
ألمانيا، والبرلمان الهندي، وقد أثبتت التجارب نجاح هذه البرلمانات لاعتمادها
كلياً علي لجانها، والتي تعد عقل المجلس وماكينة إنتاجه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق