جريدة الاخبار - 10/9/2015
فساد الأفراد في مصر لم يعد هو المعضلة، فقد تحور هذا المرض الخبيث
الذي ينخر في كافة جوانب الجهاز الحكومي والإداري ليصبح فساداً مؤسسياً
زيارةالرئيس إلي آسيا:
زيارة الرئيس السيسي الأخيرة للصين وسنغافورة وإندونيسيا لها أهمية خاصة من خلال أبعاد ثلاثة؛ البعد الأول سياسي، حيث إن انفتاح مصر علي شرق آسيا والتنسيق السياسي مع هذه الدول المهمة يصب في المصلحة المصرية، وأيضاً مصلحة دول شرق آسيا، فعلاقات مصر السياسية القوية بدولة كإندونيسيا تعود إلي عام 1955 ومؤتمر باندونج الذي تم فيه تأسيس حركة عدم الانحياز. ولا شك أن أمن مصر القومي يبدأ من خارج حدودها، ليس فقط بعلاقات قوية وفاعلة مع دول الجوار بل إلي هو ما أبعد من ذلك بكثير. مصر عادت بقوة منذ تولي السيسي الرئاسة لتصبح فاعلاً ومؤثراً في العالم الخارجي، وأرجو أن يتبع توثيق العلاقات الأفريقية والآسيوية الانفتاح كذلك علي أمريكا اللاتينية لاسيما البرازيل والأرجنتين.
زيارة الرئيس السيسي الأخيرة للصين وسنغافورة وإندونيسيا لها أهمية خاصة من خلال أبعاد ثلاثة؛ البعد الأول سياسي، حيث إن انفتاح مصر علي شرق آسيا والتنسيق السياسي مع هذه الدول المهمة يصب في المصلحة المصرية، وأيضاً مصلحة دول شرق آسيا، فعلاقات مصر السياسية القوية بدولة كإندونيسيا تعود إلي عام 1955 ومؤتمر باندونج الذي تم فيه تأسيس حركة عدم الانحياز. ولا شك أن أمن مصر القومي يبدأ من خارج حدودها، ليس فقط بعلاقات قوية وفاعلة مع دول الجوار بل إلي هو ما أبعد من ذلك بكثير. مصر عادت بقوة منذ تولي السيسي الرئاسة لتصبح فاعلاً ومؤثراً في العالم الخارجي، وأرجو أن يتبع توثيق العلاقات الأفريقية والآسيوية الانفتاح كذلك علي أمريكا اللاتينية لاسيما البرازيل والأرجنتين.
أما البعد الثاني لهذه الزيارة فيتعلق بالتشجيع علي الاستثمار في
مصر. فليس صحيحاً أن القيادة السياسة تتخذ موقفاً سلبياً من الاستثمار الخاص بل
العكس هو الصحيح تماماً، فالقيادة السياسية تعي تماماً أن مواجهة العجز في الموازنة
وما يقتضيه من زيادة الإيرادات، وإنقاص فجوة الدين المحلي والخارجي، والخلل في
ميزان المدفوعات، وزيادة الواردات في مواجهة الصادرات وما يقتضيه ذلك من تحديث
الصناعة المصرية ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي؛ لن يتم إلا من خلال تشجيع الاستثمار
الخاص الحقيقي الأجنبي والمصري علي حد سواء. فهذا هو السبيل الرئيسي لرفع معدلات
التشغيل والقضاء علي البطالة. ولذلك لم يكن من المستغرب أن يعطي الرئيس بنفسه
أولوية علي أجندته للقاء رجال الأعمال ومناقشة فتح الأسواق للمستثمرين المصريين
داخل آسيا، وكذلك فتح الأسواق المصرية للمستثمرين الآسيويين. ومن هنا صار ملف
ترويج الاستثمار من الملفات التي يتولاها ويتابعها الرئيس شخصياً.
أما البعد الثالث للزيارة وهو الأكثر أهمية فهو البعد التنموي
والاستفادة من خبرات الدول الآسيوية، فهذه الدول جميعها بلا استثناء - وإن كان
بدرجات - حققت طفرات نوعية نقلت معها شعوبها إلي آفاق أفضل. وعلينا أن نستفيد مما
حققوه في كافة المجالات، ولنبدأ من حيث انتهي الآخرون. فلا شك أن تجارب دولة
كسنغافورة في الإصلاح المؤسسي، والتعليم، وتطوير الموانئ البحرية، والقدرة
التصنيعية، وتحلية المياه... خبرات يجب الاستفادة منها في عملية الإصلاح، ولا شك
أن تجربة الصين في المزج بين الاستثمارات العامة والخاصة وخلق قيمة مضافة
لصناعاتها ساعدها علي تحقيق نمو اقتصادي مطرد لأكثر من عشرين عاماً متتالية لهو
أمر يستحق الدرس والاستفادة منه. إندونيسيا توجد في تركيبتها السياسية والدينية
والثقافية عناصر قريبة من التجربة المصرية، فقد نجحت هذه الدولة في دعم المشروعات
الصغيرة والمتوسطة بشكل مذهل ساهم في دعم صادراتها وتقليل الفجوة في ميزان
مدفوعاتها بشكل مذهل. يجب تكوين فرق عمل لزيارة هذه الدول ودراسة تجاربها... مصر
تحتاج إلي قفزات هائلة وسريعة... الوقت داهمنا، ولم يعد عامل الوقت في صالحنا، ولن
تتحقق هذه القفزات إلا بنقل التجارب الناجحة وتفعيلها، كما فعل "محمد
علي" رائد نهضة مصر الحديثة منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً.
الفساد في مصر فساد مؤسسي:
فساد الأفراد في مصر لم يعد هو المعضلة، فقد تحور هذا المرض الخبيث
الذي ينخر في كافة جوانب الجهاز الحكومي والإداري ليصبح فساداً مؤسسياً. بحيث صار
الجهاز الحكومي والإداري فاسداً إلي الحد الذي يفسد معه كل من يعمل في إطاره
وطبقاً لآلياته، لأنها آليات ونظم فاسدة.
والفساد الإداري والحكومي ليس بالضرورة فسادا ماليا يؤدي إلي الرشاوي
والاستيلاء علي الأراضي، فالفساد الإداري والحكومي أبعد من ذلك بكثير، فالمحسوبيات
وعدم تكافؤ الفرص فساد، وسوء أداء العمل التنفيذي فساد، وسوء الإدارة فساد، وإساءة
استخدام السلطة فساد، وإهدار المال العام فيما لا يفيد المصلحة العامة فساد، وتضخم
الإنفاق العام غير الرشيد فساد، والامتناع عن اتخاذ القرار الصحيح فساد، والامتناع
عن تنفيذ الأحكام القضائية فساد، وعدم تحقيق مصالح العباد فساد، والاستمرار في
الاحتفاظ بالكوادر غير الكفؤ فساد.
الفساد صار نمطاً للسلوك الحكومي وإطاراً مؤسسياً لها، فصار تنفيذ
القرارات والإجراءات واتباع النمط السائد الآن وبذات الكوادر هو استمرار وتكريس
للفساد، والفساد المؤسسي لن تتم مواجهته والقضاء عليه إلا بإصلاح مؤسسي شامل...
القضية أعمق من فساد مسئول مرتش والقبض عليه، فالحد من السلطة التقديرية من خلال
نظم ولوائح مبسطة وواضحة أحد الحلول للقضاء علي الفساد، ووضوح الصلاحيات
والمسئوليات أحد الحلول للقضاء علي الفساد، وتطبيق إجراءات تنافسية ومعلنة أحد
الحلول للقضاء علي الفساد، ووجود نظم واضحة لتحديد أهداف المؤسسات والمسئولين،
ومعايير قياس النجاح أحد الحلول للقضاء علي الفساد... الفساد لن ينتهي بمجرد القبض
علي مسئول هنا أو هناك... الفساد لن ينتهي إلا إذا بدأنا ثورة إصلاح مؤسسي للجهاز
الحكومي، ولندرس التجربة الماليزية وتجربة كوريا الجنوبية ومن قبلهما هونج كونج،
فنحن برغم كل ما نعانيه نقطة البداية عندنا الآن أفضل مما كانوا هم عليه حينما
بدأوا ثورتهم الإصلاحية. اللينك
0 التعليقات:
إرسال تعليق