هل فعلاً هيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة جاهزة لمشاركة المطورين العقاريين من القطاع الخاص؟
1- هل ستطبق الحكومة «ضريبة القيمة المضافة»؟
من يسافرون كثيراً إلي أوربا يدركون
مفهوم ضريبة القيمة المضافة
«Value added tax»،
وهي شبيهة بمفهوم ضريبة المبيعات. ولكن ضريبة القيمة المضافة أكثر شمولاً؛ فهي
تنطبق علي كل السلع والمنتجات والخدمات تقريباً. وتضاف إلي سعر الفاتورة وتتراوح
نسبتها بين 12% و15%.
وتتجه الحكومة المصرية إلي تطبيق
ضريبة القيمة المضافة، وتتوقع الحكومة أن تدر هذه الضريبة حوالي 35 مليار جنيه
لإيرادات الخزانة العامة. وأشك كثيراً في صحة هذا الرقم، وأعتقد أن العائد لن يزيد
عن 7 مليارات جنيه علي أكثر تقدير، وسيتسبب في رفع التضخم إلي أقصي مدي في ذات عام
تطبيقه. وهناك إشاعات أن الحكومة تسعي إلي البدء في تطبيق هذه الضريبة ببداية
العام المالي الجديد، أي اعتباراً من شهر يوليو القادم. والمشكلة الرئيسية في
ضريبة القيمة المضافة أنها تعني ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، وتؤدي إلي زيادة
التضخم.فهل استعدت وزارة المالية ومصلحة الضرائب مؤسسياً لتطبيق الضريبة وتحصيلها
بكفاءة لتجنب ارتباك السوق والاستثمار؟
أنا مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة
ولكن بثلاثة شروط؛أولها: الاستعداد المؤسسي والفني الجيد، ولست مطمئناً لاستعداد مصلحة
الضرائب، ولا أعتقد أن لديها حالياً الكفاءات والبنية الأساسية اللازمة لتطبيق هذه
الضريبة بشكل كفء ودون إرباك للاستثمار وللمستهلكين.
والشرط الثاني: هو اختيار التوقيت
المناسب اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ولا أعتقد شخصياً أن هذا العام وهذا الصيف
الساخن هو التوقيت الأمثل لرفع الأسعار وزيادة التضخم في وقت تشهد فيه مصر
انكماشاً اقتصادياً، وبطالة مرتفعة، وقدرا من الإحباط، ومحاولة تصيد الأخطاء. والشرط
الثالث: تهيئة الرأي العام والمُنتجين والمصنّعين ومقدمي الخدمة بكافة الأبعاد
الفنية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الضريبة، حتي يكونوا جزءا من صُنع
القرار. ولا أعتقد أن أيّاً من الشروط الثلاثة متحقق، ولذا وجب مزيد من الدراسة
ومزيد من الاستقرار، ولتكن البداية هي العام المالي 2016-2017. أرجو من وزير المالية عدم الاندفاع بل الاستماع إلي صوت العقل.
التأني في إصدار قرارات مدروسة أفضل عشرات المرات من التعجل في إصدار قرارات غير مدروسة،
ولعل نعتبر بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة.
2- متي سيتم إجراء الانتخابات البرلمانية؟
لا أعلم حقاً إذا كانت الحكومة لديها
إجابة علي هذا السؤال، وإذا كانت تملك من أمرها شيئاً فيه. ولكن إدارة الأمور
السياسية بنظام اليوم بيومه أمر جَدّ خطير، ويؤدي إلي حالة من الرخاوة والسيولة
المؤسسية لها خطورتها البالغة علي استقرار الدولة. ليس من المقبول ألا يكون هناك
موعد محدد للانتخابات البرلمانية، ليس من المقبول أن نعيش بمنطق الحرب خدعة، ليس
من المعقول أن نخفق لهذا الحد في تحديد جداول محددة، ليس من المقبول أن يكون المشهد
السياسي بهذه العبثية، ليس من المعقول أن ترسانة الدولة من مؤسسات قضائية وقانونية
عاجزة عن إصدار قانون انتخابات لا يتعارض مع الدستور. حالة الانتخاب واللاانتخاب؛
السياسة واللاسياسة؛ تضعف من مصداقية مؤسساتنا السياسية. أعود وأكرر وجود برلمان
متعب ومزعج أفضل كثيراً مما نحن فيه...
يجب أن نتقدم إلي الأمام، ونستكمل
المؤسسات الدستورية. إن هذه الخطوة لازمة لاستكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي.
3- هل هدف السياسة النقدية ينتهي عند
محاربة السوق السوداء؟
الإجراءات الأخيرة الخاصة بمواجهة
السوق السوداء للدولار الأمريكي نجحت بلا شك في الحد من هذه السوق علي المدي
القصير. ولكن كانت هناك أيضاً تداعيات أخري أثرت بشكل سلبي علي نمو الاقتصاد
الكلي، وأدت إلي انكماش التجارة الخارجية والداخلية علي حد سواء، وأدت إلي التعثر
المالي للعديد من المصانع، فهذه المؤسسات كانت تلجأ مضطرة للسوق السوداء لعدم
تلبية احتياجاتها المشروعة من البنوك، أما الآن فتوقف كثير من الأنشطة لعدم قدرتها
علي تلبية احتياجاتها من العملة الأجنبية، لا في السوق السوداء ولا في السوق
البيضاء!! فالمحصلة: انكماش اقتصادي جديد
وانخفاض محتمل في النمو. لابد من بدائل تمويلية، ولابد من تحسين مناخ الاستثمار.
المنع ليس هو الحل. السوق السوداء ما زالت مستمرة من خلال تحويلات وترتيبات في
الخارج، واسألوا عن تغير العملة المصرية في دبي.
4- لماذا ألغت
الحكومة المناطق الحرة الخاصة؟
فجأة وبدون أية مقدمات، وبدون أي
مناقشات مع أصحاب الشأن؛ ألغت الحكومة بمقتضي قانون الاستثمار المناطق الحرة
الخاصة، وهي استثمارات تجاوزت ثلاثين مليار جنيه علي الأقل. وحصيلة رسومها لا تقل
عن حصيلة الضرائب التي تسددها المصانع المثيلة بنظام الاستثمار الداخلي، ويتعرض
أصحاب هذه المصانع الآن لتحرش غير مسبوق من الجمارك، ومن وزارة التجارة والصناعة،
رغم أن تراخيصها لا تزال سارية. إن وزارة المالية كانت الضاغط الأساسي لإلغاء هذه
المناطق، وللأسف رضخت وزارة الاستثمار لهذه الضغوط دون دراسة وافية بدعوي أن بعض المناطق
الخاصة تلجأ إلي ممارسات ضارة، والحقيقة أن التهرب الجمركي ليس في هذه المناطق،
فهي جميعها تحتوي علي استثمارات أجنبية ومصرية، وتخضع لرقابة محكمة... ارحمونا إذا
كانت هناك بعض المخالفات فلا يعني هذا القضاء علي صناعات واستثمارات بالمليارات
وتشريد عمال بالآلاف في غمضة عين...
5- هل فعلاً هيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة جاهزة لمشاركة المطورين العقاريين من القطاع الخاص؟
انهالت علينا الأخبار بأن هيئة المجتمعات العمرانية في
سبيلها إلي مشاركة المطورين العقاريين وبناء مشروعات مشتركة معهم من خلال تحصيل
مقابل الأراضي في صورة نسبة من الإيراد أو من خلال الحصول علي وحدات بعد بنائها.
والدافع المعلن لذلك هو السماح للمطورين العقاريين بالبناء دون تحصيل مبالغ نقدية عالية
منهم في البداية مما يسمح لهم بسرعة إنجاذ المشروعات.. عفواً يا سادة... أجهزة
الدولة الإدارية غير مهيأة للمشاركة في مشروعات تجارية... وأقسم بالله أن هذه المشاركة لو حدثت سيُتَّهم الجميع بلا استثناء بجريمة تسهيل
الاستيلاء علي المال العام في ظل القوانين واللوائح ونظم المحاسبة الحكومية
القائمة.. لن يتحقق تطوير في نظم التنمية العقارية دون إعادة النظر في نظم التمويل
العقاري. والسماح بالتمويل العقاري للمطورين والمستهلكين قبل الانتهاء من عملية
البناء، أما في ظل القواعد الحالية والتي لا تسمح بالتمويل العقاري إلا بعد انتهاء
المشروع بالكامل!!
0 التعليقات:
إرسال تعليق