جريدة الاخبار - 5/3/2015
تكاد تكون الصحف المصرية جميعها دون
استثناء منخرطة انخراطاً عنيفاً في مشاكلنا المحلية، وتكاد جميعها تخلو من أية
تحليلات أو أنباء دسمة عما يدور خارج حدودنا
(1) الفريق «حفتر» قائداً للجيش الليبي:
إن موافقة البرلمان الليبي الشرعي
-والمعترف به دولياً- علي تعيين الفريق «حفتر»
قائداً عاماً للجيش الليبي، وتوليه اختصاصات رئيس الأركان ووزير الدفاع؛ خطوة
مهمة جداً نحو مواجهة خطر الميليشيات العسكرية والجماعات الإرهابية في ليبيا.
وهذا الإجراء يصب في مصلحة مصر الاستراتيجية. ولا شك أن الجهود المصرية في تحقيق
هذه الخطوة كانت موفقة للغاية.
إن الرئيس السيسي كان منتبهاً
للغاية إلي أن مخطط تفتيت الدول العربية وهدمها بدأ بتفتيت جيوشها النظامية،
فهذا ما حدث في ليبيا والعراق وسوريا واليمن. ولذا فإن الخطوة الأولي في إعادة
بناء ليبيا وحماية حدودنا الغربية؛ تبدأ ببناء جيش ليبي نظامي قادر علي مواجهة
خطر تفتيت بلاده، وحماية أصوله ومقدراته -خاصة
آبار النفط- من النهب والاستيلاء عليها من الجماعات الإرهابية. إن دعم الحكومة
الوطنية والبرلمان الشرعي في ليبيا، إلي جانب تكوين الجيش النظامي وتسليحه مؤداه
إعادة تكوين الدولة الليبية بأركانها الرئيسية، وهو ما يصب في مصلحة الشعب
الليبي.
لا شك أن جهود مصر في هذا السياق
ستواجه بشراسة من تركيا؛ لتعارض بناء دولة ليبية موحدة ذات نظام مدني مع
توجهاتها. ولكن
يبدو لي أن مصر ستنجح في جهودها لإزالة تداعيات الدمار السياسي الذي خلفه هجوم
الناتو.
(2) اغتيال الزعيم المعارض الروسي
«بوريس نيمتسوف»:
أثار اغتيال المعارض الروسي المعروف
«بوريس نيمتسوف» ونائب رئيس الوزراء السابق في عهد الرئيس «بوريس يلتسن»؛ أصداء
كبيرة علي المستويين الداخلي -في روسيا- والخارجي، فلم يكن «نيتمسوف» معارضاً
عادياً. وقد تم اغتياله في محيط الكرملين وهو يسير علي قدميه. وتوجه أصابع
الاتهام إلي الرئيس «بوتين».
ويري خصوم «بوتين» أنه المسئول الأول عن عملية الاغتيال لإرهاب معارضيه في
الداخل والخارج، علي سند من القول؛ إنه إذا تم اغتيال معارض بحجم «نيمتسوف»
وعلاقاته الدولية فإن ذلك رسالة قوية لباقي الخصوم المعارضين لكي يلتزموا الصمت.
والمتابع للأحداث سيجد أن الحكومات الغربية لم تدخر جهداً في استغلال هذا الحادث
لتوجيه الضربات لـ»بوتين»، وأن روسيا تعود في أحضان النظام الديكتاتوري، وأن أحد
دوافع قتل «نيمتسوف» كانت بسبب آرائه المعارضة لسياسات «بوتين» في أوكرانيا.
لاشك أن روسيا ستتعرض لضغوط دولية
خلال الفترة القادمة ولحرب «تكسير العظام»، ولا شك أن الانخفاض الشديد في أسعار
البترول الفترة الماضية كان بفعل فاعل، فالمتضرر الرئيسي اقتصادياً من هذا
الانخفاض كان روسيا، ويليها إيران.
وعلي الرغم من الحرب الاقتصادية
والسياسية علي روسيا، فتظل لديها بعض مفاتيح تحقيق التوازن الدولي.
(3) المفاوضات الأمريكية- الإيرانية
بشأن قدرة إيران النووية:
لا يزال الرئيس الأمريكي «باراك
أوباما» مصراً علي الاستمرار في الطريق الدبلوماسي والتفاوض مع إيران، وعلي
الرغم من أن الرئيس «أوباما» أعلن أن نتائج المفاوضات لا يمكن حسمها وأنها قد
تفشل؛ إلا أنه لا يزال يأمل في الوصول إلي نتائج إيجابية لتجنب أية حلول عسكرية
ومواجهات عسكرية مع إيران. ولاتزال
إيران تصر علي إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها قبل توقيع أية اتفاقيات.
ويضغط «نتنياهو» مستخدماً اللوبي
الصهيوني لقطع المفاوضات والالتجاء إلي القوة، وكانت آخر محاولاته هي خطابه أمام
الكونجرس الأمريكي هذا الأسبوع محاولاً استخدام ضغط الجمهوريين علي إدارة «أوباما»... ولا شك أن امتلاك إيران القدرة النووية سيؤدي إلي
تغيير موازين القوي في الشرق الأوسط، وسيهدد المصالح الغربية وإسرائيل. ولا شك
أنه سيؤثر كذلك ويمثل خطورة علي الخليج العربي والعراق... وليس لدي شك أن دعم الولايات
المتحدة لحكومة إخوانية في مصر كان أحد دوافعه الاستراتيجية إرساء دولة دينية
سنيّة هي مصر واستخدامها كأداة لمواجهة دولة شيعية هي إيران!!
(4) الصحف المصرية والأحداث العالمية:
تكاد تكون الصحف المصرية جميعها دون
استثناء منخرطة انخراطاً عنيفاً في مشاكلنا المحلية، وتكاد جميعها تخلو من أية
تحليلات أو أنباء دسمة عما يدور خارج حدودنا. إن في ذلك المنهج خطورة كبيرة،
وأدعو رؤساء تحرير الصحف إلي إعادة دراسة سياسات التحرير في هذا الخصوص، فقدرتنا
علي تقدير الموقف الداخلي وفهم ما يحدث عندنا وتحديد رؤيتنا السياسية؛ لا يمكن
أن يتحدد بمعزل عن قراءة الأحداث العالمية وما يدور حول العالم. فمرة أخري...
الأمن القومي المصري يبدأ من خارج الحدود المصرية. اللينك
|
استمع الي مقالي عبر منصة اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم. اللينك
0 التعليقات:
إرسال تعليق