جريدة الاخبار - 12/2/2015
آن الأوان لضخ دماء جديدة في قيادات وزارة الداخلية بما
فيها وزير الداخلية ذاته... قيادة تعي المرحلة السياسية التي نخوضها، وتعي
التغيرات التي حدثت في المجتمع المصري.
1) مأساة استاد الدفاع الجوي:
كنت أناقش مع أحد لواءات القوات المسلحة السابقين ومن
قياداتها المعتبرين أحداث استاد الدفاع الجوي، وارتفاع عدد الضحايا من شباب لم
تتفتح بعد ثمرات عمرهم. وحكي لي حكاية لها مغزي، أنه كُلِّف منذ سنوات مضت مع
زملاء له بحماية السيادة المصرية علي إحدي المناطق الحدودية المتنازع عليها مع
إحدي دول الجوار، وهنا أتحدث عن مناطق حلايب وشلاتين المصرية، وكانت تعليمات
القيادة لضباطهم: «عليكم بتنفيذ المهمة بنجاح دون أية خسائر في الأرواح»، وأكدت
القيادة «خسائر صفر في الأرواح». وكان الانطباع لدي ضباط العمليات أن قيادتهم تعني
خسائر صفر في أرواح أفراد القوات المسلحة، وأن التكليف يعني كذلك خسائر صفر في
أرواح المدنيين في المناطق الحدودية. ولم تترك قيادة الجيش فرصة للفهم الخاطئ،
فكانت التعليمات أن نجاح العملية العسكرية في هذه الحالة هو حماية السيادة المصرية
دون وقوع أية خسائر كذلك في أرواح القوات الحدودية المرابطة في الجيش السوداني، أي
المحافظة كذلك علي أرواح أفراد القوات المسلحة للدولة المتنازع معها في ذلك الوقت.
هذه هي العقلية والتدريب النفسي الذي تفتقره بنسبة 100%
عقلية أفراد الشرطة في الأمن المركزي ومكافحة الشغب. يجب أن نغرس في عقيدة ضباط
وأفراد الشرطة أن مهمتهم حماية المنشآت وأرواح الناس دون وقوع ضحايا. يجب تدريبهم
نفسياً وذهنياً وجسمانياً وتكتيكياً علي أنهم معنيون بحماية أرواح الجماهير في
حالات الشغب والفوضي، وأن من مهامهم الحفاظ علي النظام والأرواح حتي بين
المتظاهرين والمتجمهرين، لأن مهمتهم الأساسية هي حماية هؤلاء حتي من أنفسهم، ولأنه
في حالة الشغب والتجمهر في المباريات وغيرها هناك مئات الأبرياء والمسالمين.
إن الإفراط الغبي في استخدام القوة والغاز، والتعامل
بمنطق صيد الفئران والحيوانات الضالة، وليس التعامل مع بني آدميين وأرواح وشباب في
عمر الزهور، سيؤدي إلي مزيد من الضحايا بين أفراد الشرطة وأبناء الشعب، دون مبرر
سوي فشل قيادات الداخلية علي تطوير أدائها، والتطوير من عقلياتها.
وغياب الوعي السياسي لدي هذه القيادات التي في رأيي
أصبحت -مع كل الاحترام لوطنيتهم وشجاعتهم- عبئاً علي الدولة وليس سنداً لها... آن
الأوان لضخ دماء جديدة في قيادات وزارة الداخلية بما فيها وزير الداخلية ذاته...
قيادة تعي المرحلة السياسية التي نخوضها، وتعي التغيرات التي حدثت في المجتمع
المصري، قيادة تعي جيداً أن الآليات القديمة فكراً وتسليحاً وتعاملاً لم تعد تصلح
لحماية الأمن والنظام في مصر... قيادة قادرة علي التطوير المؤسسي وإعادة التأهيل
النفسي والثقافي... قيادة قادرة علي الإصلاح المؤسسي داخل المنظومة الشرطية تجعل
الشرطة المصرية عنصراً فاعلاً في عملية بناء مصر جديدة... قيادة قادرة علي أن تجعل
من الشباب والمواطنين العاديين ظهيراً لهم وسنداً في محاربة الإرهاب، وليس عبئاً
عليهم وعدواً لهم.
2) القوائم الانتخابية للبرلمان القادم:
قائمتا «تحالف الوفد» و»في حب مصر» ستكونان في رأيي
القائمتين الأساسيتين في المنافسة، وسيكون لذلك تأثير كذلك علي الانتخابات
الفردية. أتوقع لقائمة «تحالف الوفد» الفوز في قوائم محافظات الشرقية وبورسعيد،
وأن تكون الغلبة لقائمة «في حب مصر» في الجيزة والصعيد، وستكون معركة قائمة محافظة
القاهرة والدلتا صعبة بين القائمتين، وسيكون الفيصل هو حسن اختيار أعضاء القائمة.
وألمح تفوقاً طفيفاً في هذا الشأن لقائمة الوفد. أما الإسكندرية ومرسي مطروح فربما
تذهب إلي حزب النور علي الأرجح ما لم تحدث مفاجئة.
ومازلت عند رأيي بأن الخريطة السياسية في مصر لن تتضح
معالمها إلا بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، وأنه ستتكون تحالفات سياسية
جديدة تضم تحالف «في حب مصر» و»الوفد المصري»، وحزب المصريين الأحرار، وعدد لا بأس
به من المستقلين سينضم إليهم، وهذه التركيبة ستمثل الأكثرية. هذه ليست معلومات؛ بل
قراءة سياسية للمستقبل القريب. وأتمني أن تسرع محكمتنا الدستورية العليا بالفصل في
الطعون المقدمة ضد القوانين المنظمة للانتخابات قبل الانتهاء من الانتخابات
البرلمانية... لا نريد برلمان علي كف عفريت، فذلك ليس في مصلحة الاستقرار السياسي
حتي ولو كان البرلمان متعباً ومرهقاً للسلطة التنفيذية. وأرجو من الحكومة ومن لجنة
الانتخابات العليا أن توسع من تطبيق الربط الإلكتروني بين الدوائر، وقواعد
البيانات للحد من التزوير وسرعة عمليات التصويت، وقد تم تجربة هذه النظم الحديثة
بنجاح في بعض الدوائر الانتخابية عند التصويت علي الدستور في 2014 وفي الانتخابات
الأخيرة، ومنها دائرة قصر النيل علي ما أعتقد. إن مرور الانتخابات البرلمانية
القادمة بسلام وبدون تزوير ومخالفات أمر لا يريده أعداء مصر وجماعات الإرهاب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق