جريدة الاخبار - 8/1/2015
أري شخصياً أن إجراء حركة المحافظين
الآن خطأ سياسي جسيم. فإذا كنا علي أعتاب انتخابات برلمانية جديدة يعقبها تشكيل
حكومة جديدة لفترة طويلة نسبياً، فالأقرب للمنطق لاشك أن تجري حركة المحافظين
وتغييرهم بعد اختيار الحكومة الجديدة
(1) نعم لزيارة الرئيس للكاتدرائية في عيد الميلاد المجيد: سعدت وبكيت كمواطن مصري مسلم بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للكاتدرائية لتهنئة رأس الكنيسة المصرية البابا تواضروس الثالث، لم أكن أفهم لماذا لا يشارك أي رئيس مصري علي مدار ستة عقود أبناء الوطن من المسيحيين المصريين صلاتهم واحتفالاتهم. خطوة بسيطة ولكنها تاريخية بمعني الكلمة أشعرتني بالفخر، والاعتزاز بالوطن، وأن رهاننا علي الرئيس السيسي كان رهاناً صحيحاً. وأتمني من قلبي أن يأتي اليوم الذي تختفي فيه خانة الديانة من الرقم القومي، فكلنا مصريون، فالدين لله والوطن للجميع. (2) لا لتغيير المحافظين الآن: يعج الإعلام بأخبار عن حركة قريبة جداً لتغير المحافظين خلال الأيام القليلة المقبلة، والمسئول عن الترشيحات هو اللواء/ عادل لبيب وزير التنمية المحلية وطبعاً المهندس/ إبراهيم محلب رئيس الوزراء. وأري شخصياً أن إجراء حركة المحافظين الآن خطأ سياسي جسيم. فإذا كنا علي أعتاب انتخابات برلمانية جديدة يعقبها تشكيل حكومة جديدة لفترة طويلة نسبياً، فالأقرب للمنطق لاشك أن تجري حركة المحافظين وتغييرهم بعد اختيار الحكومة الجديدة، فعمل المحافظين جزء لا يتجزأ من خطة واستراتيجية الحكومة، كما أن أخطاء المحافظين أو نجاحاتهم تحسب علي أو لصالح الحكومة، ولذلك ليس منطقياً أن تقوم حكومة بإجراء تغيير شامل للمحافظين واختيارهم وتحديد الأولويات لهم قبل رحيلها بأسابيع أو بشهور معدودة، والأولي أن يترك هذا الاختيار للحكومة الجديدة وفي ظل البرلمان الجديد، والأصح أن تكون حركة المحافظين لاحقة علي اختيار الحكومة الجديدة وليس العكس. فإن كان هناك ضرورة الآن فالضرورة تقدر بقدرها فلا يتم التغيير إلا في أضيق الحدود ولأسباب ملحة. (3) لا لإجراء تعديل وزاري الآن: نسبت الصحافة إلي رئيس مجلس الوزراء، ولا أعلم مدي دقة أو صحة هذه الأخبار أن هناك تعديلاً وزارياً قد يجري خلال الأيام القليلة القادمة قد يطول ثماني حقائب وزارية. مصر تعاني منذ أربعة أعوام من ظاهرة الحكومات المؤقتة والوزراء المؤقتين أو وزارات تسيير أعمال. فكل حكومة أتت كانت علي يقين من أن استمرارها لن يتجاوز أشهرا معدودة، فحكومة د. عصام شرف كانت مؤقتة لحين إصدار الدستور، وحكومة د. الجنزوري لحين انتخاب رئيس، ود.حازم الببلاوي لحين إصدار دستور جديد، وحكومة المهندس. إبراهيم محلب الأولي لحين انتخاب رئيس، وحكومته الثانية مؤقته أيضاً لحين انتخاب البرلمان الجديد وتفعيل الدستور الجديد. ولم أشر لحكومتي د.هشام قنديل فقد كانتا في أظلم فترات تاريخ مصر الحديثة. وفي ظل كل هذه الحكومات يعلم الوزير -مهما كان طموحه السياسي وقدراته الفنية والسياسية-أنه سيظل في منصبه لفترة لن تتجاوز أشهرا معدودة أو عام واحد علي أكثر تقدير، وهو ما يجعله -بحكم الأمور والمنطق- موجهاً جهوده إلي تسيير العمل اليومي دون الخوض في عمليات إصلاح جذرية طويلة الأجل، وهو ما يجعل العديد من المرءوسين كذلك يتعاملون مع الوزير علي أنه ضيف، ولا داعي لأخذ تعليماته مأخذ الجد، أو إجراء أية تغييرات جوهرية علي مؤسسات الوزارة؛ لأنه قد يأتي وزير جديد خلال شهور ليغير كل شيء من جديد. وطبعاً يزيد من الطين بلة الضعف المؤسسي داخل الوزارات، وغياب سياسات إصلاح طويلة الأجل لا تتغير بتغير المسئولين. هذا الطابع التأقيتي لحكومات ما بعد ثورتي يناير ويونيو أضر كثيراً بحركة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في مصر، وأضر بالاستثمارين العام والخاص. ولذلك، فإن المصلحة الوطنية تقتضي -في أسرع وقت- إجراء الانتخابات البرلمانية، وقيام الرئيس طبقاً للدستور باختيار حكومة جديدة ذات صلاحيات واضحة، وتتمتع باستقرار دستوري يمكنها من مباشرة أعمالها، وإجراء أكبر حركة إصلاحية في تاريخ مصر الحديثة. وأنا هنا لا أتحدث عن تغيير أشخاص. فقد تحتوي الحكومة الجديدة علي العديد من الوزراء الحاليين أو رئيس الوزراء، ولكن أتحدث عن حكومة يختارها الرئيس تحظي بتأييد برلماني وأساس دستوري، تباشر مهامها حتي نهاية فترة الرئاسة الأولي، حكومة مستقرة ذات مهام ومسئوليات محددة طويلة الأجل، وليس حكومة مؤقتة. إن إجراء تعديل وزاري –علي فرض صحة ما يتردد من أنباء- الآن وقبل الانتخابات البرلمانية الجديدة بأسابيع؛ ليس قرار حكيم، فمن ذا الذي يقبل أن يتولي حقيبة وزارية لمدة أسابيع، قلت أو زادت؟ وإذا قَبِل؛ ما الذي يستطيع أن يفعله؟! سيدي رئيس الوزراء... لقد أصبحت المناصب الوزارية مؤخراً -في ظل الحكومات المؤقتة وانعدام المهام الواضحة- ماكينة لحرق الكفاءات، وأدت لإضراب الاستثمارات الجديدة –علي حد تعبير الكاتب نيوتن- لحين وجود حكومة مستقرة ذات سياسات واستراتيجيات واضحة. فإجراء تعديل وزاري الآن بدوره خطأ سياسي جسيم لا يصب في صالح الوطن.نريد أن ننهي المرحلة الانتقالية في أسرع وقت. اللينك |
0 التعليقات:
إرسال تعليق