جريدة الاخبار - 20/11/2014
أرجو أن يستدعي رئيس
الجمهورية - لمدة ساعتين فقط - رئيس الوزراء وكافة الجهات المعنية بالتشريع في
المرحلة الحالية، ويتم إعداد ورقة واضحة باختصاصات كل جهة، ومسار مشروع القانون
، أي قانون ، أو قرار جمهوري بكافة مراحله.
تعرضت هذا الأسبوع لعدد من المواقف،
أبانت عن سبب تعطل الماكينة الحكومية رغم المجهودات الجبارة التي يبذلها رئيس
الجمهورية، ورئيس الوزراء، وعدد من أعضاء حكومته. وسوف أضرب بعض الأمثلة التي
تحتاج إلي أكثر من مقال.
وإليكم المثال الأول، صدر الأسبوع
الماضي قرار جمهوري بقانون بإنشاء «صندوق تحيا مصر». ونصت المادة (5) منه علي أن
تؤول إلي «صندوق تحيا مصر» جميع أموال صندوق (306306). ونص في المادة (10) منه
علي إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1118 لسنة 2013 بشأن صندوق دعم مصر.
وبحكم منصبي كنائب لرئيس مجلس أمناء
صندوق (306306) بدأت مع مدير الصندوق في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذ
القانون. وظهرت المشكلة في أن القانون المذكور اكتفي بمصادرة أموال صندوق
(306306) ونقلها إلي «صندوق تحيا مصر»، ولم يتناول مصير الالتزامات القائمة علي
صندوق (306306)، والمشروعات التي بدأها الخاصة بعزبة العسال والـ10 قري بتكلفة
تزيد علي 180 مليون جنيه، ومشروعات كلها تمت بناءً علي طلب الحكومة وتحت إشراف
رئيس الوزراء شخصياً، وكثير من القري بطنها مفتوح حيث تجري عملية إنشاء محطات
المياه والصرف الصحي وهدم البيوت وإعادة بنائها وإقامة المدارس علي قدم وساق.
كما أن قانون إنشاء «صندوق تحيا مصر» ألغي قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص
بـ«صندوق دعم مصر» في حين أن الصندوق أنشئ كمؤسسة طبقاً لقانون التضامن
الاجتماعي، وليس بمقتضي قرار رئيس الوزراء الملغي، وطبقاً لقانون التضامن فلا
يجوز تصفية المؤسسة إلا بناءً علي قرار من الجمعية العمومية للمؤسسة، وحال
تصفيتها تؤول أمواله لوزارة التضامن الاجتماعي، وكان من الواضح أن الجهة التي
صاغت القانون وأوصت به لم يكن لديها أية دراية عن أبعاد الموضوع.
ماذا نفعل؟ هل نتوقف عن مباشرة المشروعات
القائمة؟ ونتوقف عن الصرف؟ هل نلغي جميع التعاقدات؟ كيف يتم نقل الأموال؟ ماذا
سنفعل في العاملين والأسر المقيمة في خيام لحين تنفيذ المشروع؟ ألم يكن من
الأسلم أن ينص القانون علي دمج الصندوقين وأيلولة جميع حقوق والتزامات «صندوق
دعم مصر» إلي «صندوق تحيا مصر».
وفي ظل هذه الحيرة اتصلت بالأستاذة
غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، ففاجأتني بأنه لم يتم استشارتها في إصدار
هذا القانون. فاتصلت بالمستشار القانوني لرئاسة الجمهورية فأفادني بأنه لم يطلع
علي القانون قبل إصداره. فاتصلت بمستشار وزير الاستثمار؛ فأفاد بأن القانون في
صورته الأخيرة لم يأخذ بأي من ملاحظات وزارة الاستثمار. فاتصلت بأحد الزملاء
المستشارين بمجلس الدولة -إدارة التشريع، حيث يلزم إحالة مشروعات القوانين إليهم
لمراجعتها قبل إصدارها، إلا أنه أفاد بأن هذا القانون لم يمر عليهم. فاتصلت
بمكتب رئيس مجلس الوزراء، وأفادوني بأن قانون إنشاء «صندوق تحيا مصر» أعدته
إدارة التشريع بوزارة العدل، وأُرسل مباشرة إلي رئاسة الجمهورية لإصداره.
ما حدث يؤكد ان هناك أزمة حقيقية في
تنسيق دولاب العمل بين الوزارات المختلفة، وأن هناك تعددا في المسئوليات، وعدم
وضوح في الاختصاصات. ففي مجال إعداد القوانين ومراجعتها هناك إدارة التشريع
بوزارة العدل، ووزارة العدل الانتقالية، ومستشار رئيس مجلس الوزراء، واللجنة
التشريعية، وإدارة التشريع بمجلس الدولة، وهناك مشروع «إرادة» بوزارة التجارة
والصناعة، وهناك عدة وزارات متداخلة، والنهاية بعد كل هذا أن تصدر قوانين باسم
رئيس الجمهورية، لم تصدر بشكل حِرَفي سليم، وبدون مراجعة من الوزارات المختصة
وعلي نحو يؤثر علي هيبة الدولة وجهود الإصلاح التي يبذلها رئيس الجمهورية.
أرجو أن يستدعي رئيس الجمهورية
-لمدة ساعتين فقط -رئيس الوزراء وكل الجهات المعنية بالتشريع في المرحلة
الحالية، ويتم إعداد ورقة واضحة باختصاصات كل جهة، ومسار مشروع القانون –أي
قانون –أو قرار جمهوري بجميع مراحله، منذ لحظة التفكير فيه ثم إعداده، ثم
مراجعته حتي إصداره.
وهذه بعض المحددات التي يجب
اتباعها؛1: يجب أن يكون للحكومة أجندة تشريعية معتمدة من مجلس الوزراء، وحال
وجود حاجة إلي تشريع عاجل غير مطروح بالأجندة التشريعية يجب حصول موافقة مجلس
الوزراء عليه من حيث المبدأ. 2: يجب تحديد اختصاصات كل جهة معنية بالتشريعات
التي تدخل في اختصاصها، ويجب حصرها في ثلاث جهات فقط: إدارة التشريع بوزارة العدل، ووزارة
العدل الانتقالية، والشئون القانونية، واللجنة التشريعية المنشأة بقرار جمهوري
لحين انتهاء مهمتها، وتكون الإحالة من الوزارة المعنية، وفي إطار الخطة
التشريعية. ويُخطر رئيس الوزراء وجميع الوزارات المعنية بأن المشروع المعني قد
تمت إحالته. 3: بعد الانتهاء من إعداد المشروع في صياغته النهائية وبمراجعة جميع
الجهات المعنية، تتم إحالته إلي مجلس الدولة للمراجعة النهائية من حيث ضبط
الصياغة والتوافق مع الدستور. 4: إحالة المشروع إلي مجلس الوزراء لاعتماده
وإحالته لرئيس الجمهورية مرفقاً به مذكرة إيضاحية تفصيلية، وبناءً علي عرض
المستشار القانوني لرئيس الجمهورية. اللينك
|
استمع الي مقالي عبر
اقرأ لي.. ارجو ان ينال اعجابكم اللينك
0 التعليقات:
إرسال تعليق