جريدة الاخبار - 7/8/2014
فتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم دورها الاقتصادي مشروع قومي بمعني الكلمة يحمل في طياته تشغيل خمسمائة الف شاب سنويا،
في الجزء الأول من هذا المقال المنشور الأسبوع الماضي استعرضنا خمس من الخطايا العشر الكفيلة أيا منها أن تفشل محاولات الاصلاح بل افشال الدولة كلها..
واليوم نستكمل استعراض الخطايا الخمس الأخري والتي نضعها تحت يد صانع القرار السياسي ونحن مقبلون علي مرحلة فاصلة في تاريخ مصرنا الحديثة.
واليوم نستكمل استعراض الخطايا الخمس الأخري والتي نضعها تحت يد صانع القرار السياسي ونحن مقبلون علي مرحلة فاصلة في تاريخ مصرنا الحديثة.
الخطيئة السادسة: الإخفاق في خلق نجاحات حقيقية وسريعة علي المدي القصير.. ان التحول والاصلاح الجذري مسألة متشابكة ومعقدة وتأخذ وقتا طويلا حتي يدرك الناس آثارها الايجابية، وقد يفقد صانع القرار تأييد الشعب له وصبرهم عليه خلال عملية الاصلاح، وهو ما قد يؤدي إلي التراجع عن سياسات الاصلاح في منتصف الطريق ومن ثم يجب ان يكون لخطة الاصلاح الاقتصادي اهداف قصيرة الاجل ويمكن تحقيقها وتلمس نتائجها سريعا فلن يقبل غالبية الناس السير في طريق الاصلاح الصعب الي نهايته ما لم يشهدوا دلالة واضحة خلال عام علي الاكثر، ان رحلة الاصلاح الي نهايتها ستؤدي إلي النتائج المرجوة منها وستحقق اهدافها، بدون خطة عاجلة لتحقيق نجاحات علي المدي القصير سينسحب الكثير من المؤيدين وقد ينقلب جانب كبير منهم إلي المعارضة ومقاومة التغيير.
الخطيئة السابعة: الإعلان عن تحقيق نجاحات وانتصارات قبل الأوان.. إن الاعلان عن انتصار الخطط الاصلاحية الشاملة عند اول تحسن هيكلي ملموس خطأ جسيم، فاكتمال عملية الاصلاح الاقتصادي الشامل وجني ثمارها قد يستلزم عشر سنوات علي الاقل. وتحقيق بعض الانجازات في بدء مشوار الاصلاح هو مكسب تكتيكي وليس استراتيجيا، فالاكتفاء بتحقيق بعض النجاحات بعد مجهود مضني خلال العامين الاولين لعملية الاصلاح معناه العود علي ذي بدء فلا مجال لعودة القوات إلي قواعدها قبل انتهاء المعركة برمتها ونجاحها.
الخطيئة الثامنة: إهمال العمل علي تغير ثقافة المجتمع للإيمان بضرورة الاصلاح ومزاياه
التغيير لا يمكن تحقيقه واستمراره ما لم يصبح الاصلاح آلية تحقيق اهداف المجتمع ونمط حياته. فما لم يصبح الاصلاح والتغيير الي الافضل سلوكا اجتماعيا يضرب بجذوره في المجتمع، فإن نتائج الاصلاح اشبه بشجرة غير ثابتة يمكن اقتلاعها في اول هبة اجتماعية او سياسية وتجذير ثقافة التغير داخل المجتمع لن تحقق ما لم يتم العمل الجاد نحو ادراك المجتمع ان السياسات الاصلاحية هي التي تعين الناس علي تحسين اوضاعهم وسيرها في الطريق الصحيح.
الخطيئة التاسعة: التركيز علي الاصلاح الاقتصادي علي حساب سياسات الاصلاح الاجتماعي.. ان سياسات الاصلاح الاقتصادي ليست غاية في ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع، ومن ثم فإن الاصلاحين الاقتصادي والاجتماعي أمران متلازمان، فكل السياسات الاقتصادية يجب صياغتها وادارتها علي نحو يصب في طريق العدالة الاجتماعية. فتحرير الاقتصاد يستوجب معه نظام دقيق للتنافسية والرقابة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك ورفع مستوي أداء الخدمات الحكومية وتطوير منظومة الدعم النقدي والتأمينات الاجتماعية وضمان البطالة وتعضيد دور المنظمات العمالية. كذلك يجب الاسراع بانجاح السياسات الاقتصادية ذات المردود الاجتماعي السريع فتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم دورها الاقتصادي مشروع قومي بمعني الكلمة يحمل في طياته تشغيل خمسمائة الف شاب سنويا، ومن شأن نشر ثقافة زيادة الاعمال داخل المجتمع وتعظيم الصادرات المصرية.. وهكذا.. فإهمال الدولة الاجتماعية او التعامل معها بمعزل عن سياسات الاصلاح الاقتصادي خطأ كارثي.
الخطيئة العاشرة: إهمال الإصلاح المؤسسي للأجهزة الحكومية.. يدرك القادة - عادة - عدم صلاحية جهازهم التنفيذي للقيام بمهام الاصلاح وتنفيذ المشروعات الكبري بالسرعة المطلوبة، كما يدركون كذلك فساد المنظومة الحكومية وهو ما يجعل الكثير من القادة خلال عملية الاصلاح والالتجاء إلي نظم ادارية متوازية او اسناد ملفات بعينها إلي جهات ومؤسسات حكومية اخري اكثر كفاءة رغم ان هذه الملفات لا تدخل في نطاق عملها ومهامها الاساسية.
وعلي الرغم من ان سياسة الادارة الموازية او البديلة تعد ضرورة لا يمكن تجنبها، الا ان مكمن الخطورة في هذه السياسة هو تعميق سياسات الجزر المنعزلة داخل اجهزة الدولة الي جانب خلق مقاومة داخلية تعمل علي افشال السياسات الاصلاحية.
ولذا علي القيادة السياسية العمل علي أمرين خلال المحصلة الاصلاحية اولها تطعيم الجهاز الحكومي بكفاءات قيادية الي جانب كفاءات في قواعد هذه الاجهزة وصفه الثاني تكون جزءً لا يتجزأ من عملية الاصلاح وصنع القرار. اما الأمر الثاني فهو قيادة عملية الاصلاح المؤسسي بشكل متوازٍ مع الاصلاح الاقتصادي علي الرغم من صعوبة المهمة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق