مجلة السياسي - 12/8/2012
استكملاً لمقالى السابق عن وصايا المرحوم العلامة
الدكتور إبراهيم شحاته لإعداد دستور جديد لمصر اوضح فيه التالى:
دور الدولة الاقتصادي والاجتماعى من الأمور الهامة، الأفضل فى
معالجتها اتباع سنة الدساتير
الحديثة في هذا الخصوص. فبينما تتضمن الدساتير الحديثة نصوصاً ذات طابع اقتصادي،
مثل النصوص المتعلقة بحق الملكية الخاصة والنظام الخاص بالموارد الطبيعية، فإن
معظم هذه الدساتير تتفادى النص على نظام اقتصادي معين تلتزم به الدولة. فيجب أن
يترك الدستور الجديد للحكومة التي ينتخبها الشعب والتي قد تختلف توجهاتها
الاقتصادية من حكومة لأخرى. فقد تحل حكومة اشتراكية محل حكومة ذات توجه رأسمالى
فعلى كل حكومة منتخبة أن تعمل في إطار الدستور ذاته. فالأهم في هذا الإطار هو النص
على دور الدولة في إقرار العدالة الاجتماعية، والنص على الحقوق الاقتصادية للمواطن
دون التطرق أو التعرض للنظام الاقتصادي للحكومة. فما نريده للدستور الجديد هو أن
ينص على التزام الدولة بتقديم الخدمات الأساسية لجميع المواطنين بمستويات عالية
مقابل رسوم تمكن الدولة من توفير هذه الخدمات مع إعفاء غير القادرين مالياً من هذه
الرسوم، وعلى أن تلتزم الدولة بتقديم خدمات التعليم الأساسي ومحو الأمية والصحة
الوقائية لجميع المواطنين بغير مقابل، كما تلتزم بتوفير المنح الدراسية للطلبة
المتفوقين والمحتاجين في التعليم العالي في حدود قدراتها المالية. وفي رأيي الخاص،
أنه يجب أن ينص الدستور الجديد على إلتزام الدولة بحد أدنى للدخل لضمان حياة كريمة
للمواطن المصري من خلال نظم التكافل والتأمين.
الإبقاء على مجلس الشورى من الأمور المحيرة وتأخذ معظم الدساتير الحديثة بنظام المجلسين في البرلمان. ويرى د/ شحاته
الإبقاء على مجلس الشورى مع إعطائه اختصاصات تشريعية موازية لاختصاصات مجلس الشعب
كما هو الحال في فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكذا الدستور الهندي والجنوب
أفريقي، على أن يتم انتخاب نصف أعضائه عن طريق الانتخاب العام المباشر في الدوائر
التي يحددها القانون، ويتم انتخاب النصف الثاني بطريق الانتخاب غير المباشر أي
بواسطة مجالس الجامعات والنقابات المهنية واتحادات العمال والفلاحين أو أن يتم
الاختيار من جانب رئيس الدولة بعد التشاور مع الجامعات والنقابات والاتحادات
المذكورة. فالخلاصة، أنه لا جدوى من الإبقاء على مجلس الشورى في ظل دوره
الاستشاري الحالي، وعلاقته الشائكة مع الصحف القومية.
تعين ودور نائب الرئيس: من الأمور الغامضة في دستور (71). ومن ثم فإن وضع نائب الرئيس وما إذا كان
هذا المنصب يشترط وجوده وجوباً وما إذا كان من الأفضل أن يُشغل بالانتخاب أو
التعيين، من المسائل التي لا بد أن تحظى بالاهتمام عند وضع الدستور الجديد.
سلطات رئيس
الجمهورية الاستثنائية و الخاصة بحالة
الطوارئ والحق في إصدار قرارات لها قوة القانون في غيبة مجلس الشعب والتفويض
التشريعي والإجراءات الاستثنائية الأخرى الواردة بدستور (71)، لا مثيل لها في
الدساتير الديمقراطية الحديثة، ويجب مراجعة هذه الأحكام للحد من الحالات التي يجوز
فيها اللجوء إلى السلطات الاستثنائية وتحديد الفترة التي يمكن ممارسة هذه السلطات
فيها بمدة قصيرة يحددها الدستور ولا يجيز تمديدها بغير موافقة مجلس البرلمان بأغلبية
خاصة للتأكد من أن اللجوء إلى هذه السلطات سوف يظل محدوداً بالحالات الاستثنائية
جداً التي تبررها، كما أنه سيكون من المفيد جداً أن ينص الدستور صراحة على عدم
جواز تعليق الحريات الأساسية التي يحددها الدستور إبان هذه الفترات الاستثنائية،
كما فعلت ذلك أكثر الدساتير الحديثة بل بعض الدساتير العتيقة.
تمثيل العمال
والفلاحين بنسبة 50% فى مجلس الشعب من الأمور الواجب إعادة النظر فيها، حيث أثبت الواقع العملي أن أقدر النواب
على الدفاع عن مصالح العمال والفلاحين لم يكونوا بالضرورة عمالاً أو فلاحين، كما
أتى التوسع في تعريف العامل والفلاح إلى تفريغ الأمر من مضمونه بحيث أصبح
ضباط شرطة ورؤساء شركات قطاع أعمال عام يرشحون تحت وصف عمال أو فلاحين، فالمسألة
تحتاج إلى بحث متعمق بعيداً عن الشعارات الرخيصة حتى نتبين ما إذا كانت المصلحة
العامة بما فيها مصلحة العمال والفلاحين تقتضي الإبقاء على نسبة الـ 50% عمال
وفلاحين.
كما يجب أن يحظر
الدستور الجديد الجمع بين عضوية مجلس الشعب والوظائف في الحكومة وقطاع الأعمال
العام: فقد استساغ الحزب الحاكم في الماضي
ترشيح بعض أصحاب المناصب الكبيرة ورؤساء الشركات التي يعمل فيها أعداد ضخمة وبقى
هؤلاء بعد انتخابهم في مناصبهم، ويرى د/ شحاته أن هذا الوضع لا يخلو من الغرابة
ولا نجد له مقابلاً في معظم دساتير الدول الأخرى (إلا من حيث جواز الجمع بين منصب
الوزير وعضوية البرلمان في الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني حيث يختار الوزراء
عادة من أعضاء البرلمان).
أما مسألة الرقابة على دستورية القوانين: فمن المفيد أن يسمح الدستور الجديد بممارسة المحكمة لاختصاصها قبل صدور
القوانين بصورة نهائية وبعد صدورها كذلك، أي أن يسمح الدستور بالرقابة السابقة
واللاحقة على دستورية القوانين. أما الرقابة السابقة فتكون بناءً على طلب رئيس الجمهورية
ورئيس مجلس الشعب أو من جانب عدد معين من أعضاء مجلس الشعب أو الشورى. أما الرقابة
اللاحقة فتكون من خلال إجازة الطعن بعدم دستورية قانون أو لائحة ما بعد صدورهما
لكل ذي مصلحة. فحق الأفراد والجمعيات في اللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية
للطعن بعدم دستورية القوانين التي يرونها كذلك من أهم الضمانات الفعلية التي يأتي
بها الدستور لاحترام ما يرد به من أحكام، وسواء تم ذلك أثناء نظر دعوى معينة
أمام محكمة أدنى، أو جاء ابتداءً أمام المحكمة الدستورية.
هذه كانت بعض من ملامح وصايا العلامة الدكتور إبراهيم
شحاته رحمه الله، فهذه الوصايا نضعها الان تحت نظرأعضاء الجمعية التأسيسية الحالية
لمحاولة التوفيق بين الماضي والمستقبل لكي تسير مصر للأمام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق